كتاب الرحيل نحو الأبدية – آخر ساعات الشهيد البحريني علي العرب قبل إعدامه
الساعات الأخيرة للشهيد علي العرب قبل إعدامه

نبذة عن الكتاب
رواية الرحيل نحو الأبدية عبارة عن رواية أحد المحكومين بالإعدام حول الساعات الأخيرة للشهيد علي العرب قبل إعدامه.
مقتطف من الكتاب
هنا أدرك الجميع بأن ما يجري هو تنفيذ أحكام الإعدام .. وجوه الشرطة الكالحة وسرعة الإجراءات وفظاظة التصرفات .. كل ذلك يؤكد أن أحمد وعلي ذهبا ولن يعودا!
وهنا حدث ما لم يكن متوقعاً .. علت الهتافات الغاضبة .. جميع الشباب كانوا يهتفون ويخاطبون عناصر الشرطة:
- نحن مستعدون أيضاً!
- افتحوا الأبواب لنا!
- كلنا مستعدون!
- هذه أمنيتنا!
- نريد الذهاب معهم!
هوية الكتاب
اسم الكتاب: الرحيل نحو الأبدية
الراوي: محكوم بالإعدام في السجون الخليفية
الإخراج الأدبي: كمال السيّد
الناشر: دار الوفاء للثقافة والإعلام ومؤسسة كلمات للطباعة والنشر
عدد الصفحات: ٥٠ صفحة
.
.
.
الشهيد علي محمد علي العرب ، ٢٥ عام ، بحريني حجازي من سكنة قرية “بني جمرة” بالبحرين.. صدر بحقه قرار ظالم وجائر بالإعدام على خلفية سياسية وتم تنفيذ الإعدام بتاريخ ٢٧/٧/٢٠١٩ قتلاً بالرصاص الحي.
.
.
عبق وصية الشهيد كلمات قالها الإمام روح الله الخميني الراحل (قده) قبيل وفاته:
“بفؤاد هادئ وقلب مطمئن وروح مسرورة وضمير آمن بفضل الله أستأذن الشعب وأسافر نحو المقر الأبدي.”
.
.
اليوم هو يوم عاشوراء في ذكرته الأولى.. اليوم حلّقت الطيور للسماء بِأجنحة حسن الختام.. واليوم ينظر كُلّ فرد منّا للقناديل التي أشعلتها أرواح الشهداء في داخلنا.. نخطو خطواتنا معهم.. نبحثُ عن الأثر.. في ذاك النور الذي نتعكز عليه كي لا نضلّ الطريق بوسط ليله الأليل.
“الشهادة” عنوان يتراقص أمام أعيننا منذ الطفولة.. حيثُ كان يتردد في كل مناسبة من مناسبات أتراح أهل البيت عليه السلام ولا سيّما شهر محرم فهو عنوان كُل حرَاك ديني جهادي.. منذُ الطفولة ونحن نصيخ السمع لِحكايات يرويها لنا حكاواتي عاش مع أرواح تم زفافها على الشهادة.. لكننا لم نكن نفقه المعنى جيّداً.. فقط كنا نشعر بقشعريرة و بنشوة تغمرنا ونُحلّق في عالم نتخيّل فيه كيف للشهادة أن تكون؟ تترقرق الدموع من أعيننا حين نرى دمعة هربت من أعين الكبار.. وعندما كبرنا ورمتنا الحياة في خضم الثورات وأحاط بنا الطغاة ورأينا الرصاص كيف تتلقفه الصدور العارية التي لا تملك شيء سوى روح حملوها على أكتافهم.. وحقوق هي لهم لا تنازل عنها.. وكرامة لا تقبل الذل.. عرفنا ولم نعرف كلياً هذا البحر الغزير الذي نظمأ كلما شربنا منه.
اليوم ونحنُ نقرأ مسيرة الشهداء ونستشعر هدوء أنفسهم حتى في خطواتهم للموت.. وإبتسامتهم المليئة بفرح هذا الزفاف.. وتعرفنا على سكناتهم.. خطهم الجهادي.. فكرهم النيِّر والواعي لكل أبعاد ما هم بصدده.. إيمانهم الراسخ.. علاقتهم بالله وبأهل بيته.. ثقتهم في كل خطواتهم.. قوتهم وشموخهم الذي لا ينكسر.. تربيتهم المختلفة وتغذيتهم بلبن الشهادة وحصدت ثمارهم أرحام زينبية كانت تروي أغصانهم منذ أول لحظة حتى نهاية البداية بالإيمان والثبات ونصرة الدين والتمسك بالحق مهما كانت العواقب.. و إن كانت العاقبة هي الفقد فلن تكون بِأعينهم إلا كما قالت السيدة زينب عليها السلام
“مَا رَأَيْتُ إِلَّا جَمِيلا”.
.
.
من هذه الحياة بكل محطاتهم فيها بدأنا نعي جيّداً هذا العشق.. وتلهبنا شرارة ناره كلما هاجر طير للجنان.. وبتنا نكرر على أنفسنا سؤال لا ينقطع ما سر هذا الإصطفاء؟! لماذا هم دون غيرهم؟! لماذا ذويهم المبتلون بالفقد الجميل دون غيرهم؟! ما هي أسرار حياتهم مع الله حتى نالوا وسام عظيم كهذا؟!
هي كربلاء.. كربلاء التي تجسّدت فكراً وعقيدة وحق ومنطق وحتى هويَّة كل حر لا يقبل بالذل والهوان.. هو القاسم الذي علمنا كيف الحب يكون وكيف النصرة تكون ولا يراها سوى كالعسل بمذاق المنون بين يدي الله وسيد الشهداء.. هو علي الأكبر الذي وضع حلقة نفيسة في آذاننا عنوانها “الحق” أينما كان كُنا ولا نبالي أوقعنا على الموت أم وقع هو علينا.. هي أسرار الأنصار من تلحفوا بالذكر والصلاة ولم يتخذوا الليل حجاب ليفرّوا بل تسابقت أرواحهم من ينالها أول.. هي الوفاء والإخلاص والشهامة والرجولة التي كانها أبا الفضل العباس.. اليد التي لم تترك رهان الوفاء ولم تتنازل عن لحظة من لحظات المقاومة لآخر رمق لأجل الأمانة التي لديه.. ولو بقت تلك الكفوف لما جار أحد على زينب ولبقى الحسين مستقيم دون إنحناءة إنكسار ظهره… نعم هي كربلاء السر الأعظم التي تسربلت أرواحهم الطاهرة بِسِربالها وتشربت شرايينهم كل أبعادها.. لنراهم اليوم محاطين بالنفوس التي تغبطهم على هذا الإرتقاء لكي تنهل من مَعينهم.
وأنا أقرأ الساعات الثقيلة التي عاشها “حسين” بعد تلك الرؤية الصادقة.. كانت وتيرة نبضات قلبي تتسارع.. لم أستطع إيقاف دموعي.. انقبض قلبي ولا سيما إنني وصلت لساعة اللحظات الأخيرة واقعاً وهتفتُ بداخلي.. هي الساعة التي خرج أحمد وعلي من ملاذ تهذيب النفس وقعر العذاب إلى ملاذ البقاء حيث الراحة .. ملاذ لا عودة منه.. خرجوا للعناق الأخير.. ولِحفظ ملامح أحبتهم جيّداً.. زال إختناقي مع كل كلمة يتفوّه بها الشهداء لذويهم باطمئنان وثبات.. وخفت حدّته وأن أسمع تلك الصرخات التي اغتسلت غسل الشهادة استعداداً لأن يكون بدل علي وأحمد ١٠٠ علي و١٠٠ أحمد يقطعون تذاكر السفر الأبدي.. قوة.. ثبات.. عزيمة.. قناعة.. وأرواح أبيّة لم تتخلى عن صاحبي السجن دون زفاف يليق بهما.. أيُّ أرواح حسينية كربلائية مهدوية هذه؟! أهكذا شعب يُقهر ويُغلب! هيهات.
.
.
هذه السطور لا تقرأها كي تكتب أنت عنها.. بل لكي تكتبك أنت فيها.. وتبحثك بين أشلاء الأحاسيس المتضاربة.. وتتنفس ما تركه هؤلاء الأبطال بداخلك.. وتعيد كلماتهم وكأنها تعويذة لك.. وتتحصن بحصن ثباتهم لِتكون جبل راسخ لا تذروك الرياح.. هنا فقط إقرأ وتأمل وتعلّم وأنهل من مدرستهم ما يرويك ولا سيّما إن كنت غارق فيما هم غارقون فيه ومُتقلّد بقلادة الأُمنية ذاتها.
.
رحم الله هذه الأرواح الطاهرة وهنيئاً لنا بهم وهنيئاً للجنان التي ضمّتهم.. ورحم الله أرحام أنجبت لنا أبطال وقناديل لا تنطفئ أنوارها.. وننتظر المحكمة الإلهية العادلة لِتنتقم ممن ظلمهم في الدنيا قبل الآخرة.. فازوا وخسر قاتلهم خسران عظيما.
#الفاتحة
مؤثر كأنكَ في داخل السجن في الزنزانة تعيش الحدث!
-الخلود للشهداء🤍-الفاتحة
تفاصيل مؤلمة.
و شخصيات تستحق أن تؤرخ.
“يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزًا عظيما”
الدموع سيّدة المواقف الموجِعة التي تركت شرخًا في ثنايا الذاكرة وعصيٌّ حتمًا نسيانها.
وعند ذلك لا تكترث لنوع النص وجودته لأن الألم أكبر، والقدرة على رصفِ الحكاية لا يبدو مهمًا في حضرةِ الظلم الذي يأخذُ يومًا عن آخر في التمدّد لنعتاد عليه أخيرًا.. ونوشك على نسيان الحكاية، فتُذكرنا الكلمات الأخيرة..
قَالَ عَلي العَرب مُواسِيًا رِفاقه: ” وَإنّ جُروحَ الشَهيدِ تَكونُ لَهُ نورًا فِي الآخِرَة “.
صَفحَات قليلة، رُبّمَا ليسَتْ بِمستوى أدَبِي جَيّد لَكِنّهَا أعَادتْ فتَحَ جُرحِ الذَاكِرة المَملوءَ بِالغَصَةِ والألَمْ ..