الفتى الشجاع وشيطان البحر

في ذلك الصباح الغائم كان سعيد ووالده يتجولان في متحف للآثار في مدينة نيويورك في أمريكا.

وقعت عينا سعيد على لؤلؤة لم ير مثلها أبداً بل أنه لم يسمع عنها، كان لؤلؤة فريدة نظر إلى اللوحة في جانبها ليطلع على المعلومات بشأنها.

الطول 23سم

القطر 14سم

الوزن 6230غم

وهناك معلومات أُخرى تتعلق بعمر اللؤلؤة حيث يقد عمرها بـ <350> سنة وإلى جانب اللؤلؤة كان هناك صدفه عملاقة يقدر عمرها بـ 450 سنة! وإنها أنشلت في شواطئ أحدى جزر الفلبين.

نظر سعيد إلى والده فابتسم ابوه عندما رأى آثار الدهشة في وجهه قال الأب:

إن لهذه اللؤلؤة حكاية مثيرة سأحدثك عنها فيما بعد.

ـ ولماذا، تحدثني عن حكايتها الآن حال الأب ـ حسناً استمع إلى الحكاية من البداية في جزيرة صغيرة من جزر الفلبين كانت تعيش قبيلة مسلمة تدعى <دياك>. يعيش سكان هذه الجزيرة على صيد اللؤلؤ حياتهم الهادئة، كان يتخللها الحزن بسبب مخاطر البحر والأحوال التي يقاسونها عندما يغوصون في المياه لانتشال الصداف في ذلك الوقت يقذف الصياد بنفسه في ماء البحر ثم ينتشل الأصداف التي يظن إنها تضم في داخلها اللؤلؤ الثمين.

وفي تلك الفترة أي في سنة 1934 أصبح الغوص في مياه البحر مغامرة خطيرة، فهناك في بحج المياه العميقة أصداء عملاتة قد يصل وزنها إلى 300 كيلو غرام تستقر في الأعماق فاغرة أفواهها لتتلقف الصيادين وتحول دون عودتهم إلى الشاطئ.

وكان السكان يطلقون على مثل هذه الأصداف أسماء عديدة من بينها الغول وشيطان البحر.

كان ليتم فتى طيباً في الخامسة عشرة من عمره يحب أهل القرية وأهل القرية يحبّونه، عندما رأى ليتم ما هلّ بأهل القرية من الجوع قرّر أن يغوص في مياه البحر ليصطاد اللؤلؤ وفي صباح أحد الأيام جاء إلى ساحل البحر الصخري ومعه أصدقاؤه.

وقفز بسم الشجاع إلى المياه البحر وسط أعجاب أصدقائه والذين ظلّوا ينتظرون عودته بشوق.

كان الفتى ليتم بغوص في المياه العميقة، وكان أصدقاؤه ينتظرون ولكن ليتم ذلك الفتى الشجاع لم يعد مرّت ساعتان ولم يعد حينئذٍ أيقن أصدقائه ان لن يعود؛ لقد لقى حتفه بين فكي الغول أو شيطان البحر، لا بد وأنه واجد أحدى الأصداف العملاقة التي أطبقت عليه بفكيها الهائلين.

شعر أصدقائه بالحزن الشديد لقد خسرت القرية ابناً بار طيباً يفكّر أهله وقبيلته، عندما وصل الخبر إلى أهالي القرية اتجهوا إلى الشاطئ، قال احدهم: أنه شهيد قدم روحه الطاهرة من أجل قبيلته.

قرر أصدقائه انتشال صديقهم م الأعماق، وضعوا سكاكينهم الحادّة بين أسنانهم وقفزوا في مياه البحر للبحث عنه.

عندما وصلوا إلى قاع البحر وجدوا صدفة عملاقة قد أطبقت بفكيها على ذراع الفتى ليتم، لم تترك له فرصة للنجاة إلى توفي غرقاً.

حاول الأصدقاء تخليص ذراع الفتى الغريق ولكنهم لم يتمكن من ذلك أبداً.

خرجوا من البحر واخبروا رجال القرية بذلك وبعد مناقشات قرّر الجميع افراح الصدقة العلاقة وضجتها إلى الشاطئ.

وتعاون الرجال على سبها بعد أن ربطوها بالحبال.

كانت صدفة هائلة كلفهم إخراجها جهوداً كبيرة ومفنية تقدّم رئيس القرية من الصدفة وباشر في تجريدها من اللحم اصطدمت السكين بجسم صلب ولم يكن ذلك الجسم سوى هذه اللؤلؤة الفريدة.

قرر زعيم القبيلة ورئيس القرية الاحتفاظ بهذه اللؤلؤة ذكرها لشجاعة وتضحية الفتى ليتم.

تساءل سعيد قائلاً:

ـ وما الذي جاء بهذه اللؤلؤة إلى هذا المتحف؟!

قال الأب:

وهذا له حكاية أخرى يا بني؛ فأضع جيداً.

كما في تلك الفترة كان رجل يدعى كوب وهو سائح أمريكي يجوب جزر الفلبين فجاء به القدر إلى تلك الجزيرة.

وعندما زار السائح رئيس القرية وقعت عيناه على هذه اللؤلؤة الفريدة.

عرض الأمريكي على الزعيم إن يبيعه هذه اللؤلؤة قدم له كمية كبيرة من الذهب، ولكن رئيس القرية رفض بيعها وقال:

ـ إننا تحتفظ بها وفاءً لذكرى ليتم ذلك الفتى الشجاع.

ومرّب ندائة عدام على حادثة غرق ليتم، وكان كوب الأمريكي في كوخه الصغير عندما جاءه رسول من زعيم القبيلة يطلب منه الحضر على النور لإسعاف ابنه المريض.

لم يكن كوب طبيباً ولكنه كان يملك حقيبة صغيرة فيها كل ما يحتارا لمعالجة الأمراض إلى تنتشر في المناطق الحارة.

وفي كوب أن الابن مصاب بمرض الملاريا فتح حقيبته واخرج قرصاً من الآتيبرين ووضعه في فم الفتى المريض هدأ الفتى واستغرق في نوم عميق.

وبدأ العرق يسيل من جسم الفتى بغزارة، ويعد أيا حدثت المعجزة ونهض أمين رئيس القرية معافى من المرض وجاء <كوب> للتهنئة، وعندما أراد الانصراف نهض رئيس القرية وجاء باللؤلؤة الفريدة ووضعها بين يدي كوب وقال:

ـ لقد أصبحت هذه اللؤلؤة ملكاً لك منذ الآن، وفاءً لنذر نذرته عندما كان ولاي مشرفاً على الموت، وقد كان شفاؤه على يدك، فخذها هدية بغير ثمن ان كتابنا الكريم يقول:

<هل جزاء الإحسان إلا الإحسان.

لقد دفعنا حياد الفتى ليتم ثمناً لهذه اللؤلؤة الفريدة فاشتريتها أنت بحياة ولدي، فكانت حياة بحياة.

وهكذا استقرّت اكبر لذلذة في العالم في هذه المتحف منذ كانون الأوّل سنة 1938م لتبقى شاهدة على تضمية وشجاعة نادرتين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى