دعوة إلى الايمان – رسالة الإمام الراحل الى آخر الزعماء السوفيت

اللقاء كما صوّرها مبعوث الإمام

ـ خريف 1988 ـ

جاءت رسالة الامام الخميني الراحل الى غورباتشوف آخر زعماء الاتحاد السوفيتي قبل انهياره مفاجأة عالمية أثارت دهشة الجميع.

وقد تصوّر بعضهم للوهلة الأولى ان رسالة الامام هي رسالة دولة خرجت منهكة من حرب مدمّرة تمدّ يدها الى دولة عظمى من أجل اعادة بناء ما دمّرته المدافع والصواريخ ولكن الضمير العالمي اهتز بشدة لدى اكتشافه ان الامام بعث برسالته إلى غورباتشوف يدعوه الى الايمان والاسلام واستعاد الضمير الاسلامي ذكرى رسائل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الى ملوك وزعماء العالم آنذاك.

وقد حمل الرسالة أحد مريدي الامام الراحل وهو الشيخ جوادي آملي الذي صوّر لحظات اللقاء بعد رحيل الامام بأسابيع معدودة.

ومن خلال نقل هذه المشاهد سوف نكتشف جانبا من مخزون الامام الروحي الذي اكتشف القلق السوفيتي واحتمالات الانهيار والتشظي فحذر الزعيم غورباتشوف من الانخداع ببريق الغرب ودعاه الى الاسلام لانقاذ بلاده من الفراغ الروحي والفكري الذي تعانيه بلاده.

وفي ما يلي تقرير إجمالي حول رحلة الوفد..

كانت مهمّة الوفد ما يلي:

1 ـ الاحتفاظ بسرّية الخطاب حتى لحظة الابلاغ، وبالرغم من دقة الأجهزة المكلّفة بكشف أسرار الرسالة، لكن أحداً لم يوفق في معرفة المضمون العام لها: ولذا تضاربت احتمالات من قبيل القرار 598، حالة اللاحرب واللاسلم فيما ظل المضمون الأساس للرسالة وهو الدعوة الى الاسلام سرّياً.

2 ـ مراعاة جانب الأدب الذي هو القاعدة العريضة للعلاقات الدولية الاسلامية، وقد أمرت الشريعة بمراعاة الأدب حتى مع اليهودي.. واليهودي يومذاك كان مثال العدو الأكثر شراسة ولؤماً وحقداً ووقاحة.

3 ـ أن يكون اعضاء الوفد بمستوى شخصية الموفِد الكبرى، والاّ يشعروا بالضآلة أو الصغار في حضرة زعيم الاتحاد السوفيتي الدولة العظمى، كما ان مضمون الرسالة من السمو ما ينبغي على أعضاء الوفد أن يسمو الى مستواه.

ولذا فان الصلابة والاعتداد بالنفس هي المطلوب في حركات الوفد وسكناته..

والرسالة من القول الثقيل الذي يتطلّب أناساً بمستوى هذه المهمة.

4 ـ لا تسلّم الرسالة الى السيد غورباتشوف وانما تقرأ حرفاً حرفاً وتترجم جملة جملة ثم تسلّم اليه حتى لا يقول انه سيقرأها في فرصة مناسبة.. فالرسالة تقرأ بالتفصيل واذا كان هناك استيضاح فيقدّم حالاً.

5 ـ وحتى يمكن ابلاغ الرسالة الى الاتحاد السوفيتي بأسره، فقد ارفقت مع الأصل الفارسي لرسالة الامام ترجمة كاملة باللغة الانجليزية، وبالرغم من أن الخطاب موجه الى زعيم الاتحاد السوفيتي ولكنه يعدُّ خطاباً موجهاً الى العالم بأسره.

وقد انتخبت اللغة الانجليزية لأنها الأكثر شيوعاً في العالم، ولذا فقد سلّمت الرسالة الأصل والترجمة الانجليزية فور انتهاء القراءة.

في الساعة الحادية عشر من يوم الاربعاء 14 دى 1367[1] تم اللقاء في قصر الكرملين مع الزعيم السوفيتي.

كنا قد سئلنا قبل ذلك عن عدد أعضاء الوفد؟ ـ كانوا يريدون اختصار أعضاء الوفد الى واحد أو اثنين ـ قلنا ان الوفد يتألف من ثلاثة أعضاء ولن ينقص منهم أحد علاوة على السفير الايراني في موسكو الذي سيكون حضوره حتمياً.. واذن نحن أربعة اشخاص.

ولذا استقبلنا غورباتشوف وبرفقته ثلاثة اشخاص.. مسؤول العلاقات السياسية للحزب، معاون وزير الخارجية، مترجم وصحفي اتخذ مقعداً بعيداً لاعداد تقارير للحزب.

عندما دخل الوفد قصر الكرملين أستقبل بكل أدب واحترام، وامتد اللقاء الى حدود الساعتين ودقائق.

الدقائق الأولى كانت لتبادل عبارات ودّية، ومن المواضيع التي تطرّق اليها السيد غورباتشوف في البداية هي: اننا وبالرغم من الاختلاف الايدلوجي بيننا على استعداد للتعايش بسلام الى جانب بعضنا البعض، ولأنكم تحملون رسالة هامّة فلن أبدّد وقتكم.

وبدأ الوفد الايراني مهمته بتقديم التبريكات: نقدم لكم خالص التبريكات بمناسبة ميلاد واحد من أعظم الانبياء، وبهذه المناسبة نقرأ عليكم نداء أحد القادة الالهيين. ولأن الرسالة كانت مطوّلة فقد كنا مضطرين الى قراءتها جملة جملة لكي يتسنّى ابلاغها بأمانة ودقّة.

وفي بعض الموارد كان المترجم يطلب منّا التوقف، وتكرار العبارة من أجل فهمها وخلال هذه المدة التي استغرقت ثلاثة أرباع الساعة ثم الساعة مع الترجمة كان السيد غورباتشوف يصغي بأدب تام، وخلال ذلك كان يسجل بنفسه بعض الكلمات وكذا معاونيه أيضاً.

لقد كان مضمون الخطاب العام الدعوة الى الاسلام وهذا هو معنى الدين عين السياسة والسياسة هي عين الدين[2].

ولم يرد ذكر لأية مفردة سياسية لا الى القرار (598) ولا الى حالة اللاحرب واللاسلم سوى اشارة الى أفغانستان: انكم اذا عرفتم الاسلام على حقيقته لأعدتم النظر في مسألة افغانستان.

وبالرغم من غياب المفردة السياسية في الخطاب، الاّ انه يعد خطاباً سياسياً، وقد جاء في ذيل الرسالة: واننا كذلك نؤمن بالتعايش السلمي وحسن الجوار.

وعصارة الموضوعات التي تطرّق اليها السيد غورباتشوف وما نقلها المترجم بالفارسية عبارة عن:

اولاً: أقدم شكري بنقلكم رسالة الامام الخميني.

ثانياً: انه يستعد لارساله الجواب.

ثالثاً: انه سوف يصلح بعض أخطاء الماضي حتى لا تتكرر.

رابعاً: أننا بصدد المصادقة على قانون حرّية الدين والمعتقد.

خامساً: وكما اشرت في مقدمة حديثي اننا ومع اختلافنا في الفكر والعقيدة نستطيع الحياة بسلام في ظلال من حسن الجوار.

ثم سكت لحظة قبل أن يقول بابتسامة: «اننا أيضاً لنا فكر وعقيدة ولنا فلسفتنا التي نؤمن بها».

يتبسم مرّة أخرى: انني اقول هذا الكلام على سبيل المزاح: يبدو أن الامام لا يرتاح لايدلوجيتنا.. فهل يحق لنا أن ندعوه نحن أيضاً الى اعتناق عقيدتنا؟ (ثم يردف فوراً): انه مجرّد مزاح!

تأملوا الفرق بين الزعيمين: الامام يدعوه الى الاسلام بكل اخلاص والآخر يعتذر ويقول: إنّني امزح!

وفيما يتعلق بالقسم الثاني من حديث غورباتشوف فهكذا قال: ـ أما القسم السياسي للرسالة فانه يجب الانتباه الى ان هكذا رسائل تعتبر أحياناً تدخلاً في الشؤون الداخلية لدولة أخرى..

وكان هذا الموضوع المحور الهام في حديثه.

عندما انتهى حديثه جاء الدور للوفد ليجيب وكان جوابنا كما يلي:

أولاً: نقدر لكم اصغاءكم لهذا النداء على امتداد اكثر من ساعة ونشكركم على صبركم وكمال أدبكم.

ثانياً: ونقدر لكم استعدادكم للاجابة.

ثالثاً: نقدر لكم قراركم باصلاح أخطاء الماضي.

رابعاً: نقدر لكم أيضاً لائحة قانون حريّة الدين.

ولأنه اعتبر رسالة الامام شكلاً من أشكال التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة فقد جاء جوابنا كما يلي:

سيد غورباتشوف!

أنكم أحرار من أعماق الأراضي الروسية والى ذرى المجرّات في سماء بلادكم.. تفعلون ما تشاءون لأنكم في بلدكم.

ولكن هذا القائد الالهي لا يرنو الى ترابكم، ولا الى سماء روسيا مايهمّه فقط أرواحكم ونفوسكم[3].

سيد غورباتشوف!

عندما تموت فهل يكون مصيرك كمصير الشجرة تعمّر ستين أو مئة سنة ثم تجف وتيبس؟ أم كطائر ـ حبس في قفص مدّه من الزمن ثم ينطلق حرّاً الى الأبد؟[4]

هذان طرازان من التفكير يختلفان تماماً..

ان هذا الرجل الالهي يقول لكم: انك لست شجرة.. انه يقول: انت موجود وأبديّة الفكر صفاتك وأفعالك..

هذه مشكلتكم الاساسية عندما تتصورون ان الموت فناء.

هذا ما قاله الوفد وكان اللقاء قد تجاوز الساعتين بقليل.. نهضنا وقلنا أثناء التوديع: في أمان الله.. ومن الله التوفيق..

قال: شعبنا يقول: العمل.

قلنا: وشعبنا قال: الهنا نتوكل عليك في ثورتنا.. ولقد ثار الشعب والزم القوى الكبرى حدودها.

وكان من ضمن الوفد أخت كريمه لها تاريخ مشرق في الجهاد السياسي، وقد قدّمها الدبلوماسي الايراني: سيدة لها تاريخ في النضال ودخلت السجن بسبب ذلك وهي الآن نائبة في البرلمان (حتى لا يقال ان الاسلام حرم نصف المجتمع من امتيازاته الاجتماعية وأن المرأة مشطوب عليها في الاسلام).

وقد أبدى الزعيم السوفيتي اعجابه ومدّ يده ليصافح السيّدة، وفوجيء بأنها تمتنع عن مصافحته.. هذا في الوقت الذي يعدّ الدخول في قصر الكرملين وحده أمنية للكثيرين فما بالك بمصافحة زعيم دولة عظمى؟!

كان موقفها يمثل ثقافة الاسلام الذي مكّن المرأة وفتح لها آفاق العمل السياسي بحجابها الشرعي الذي يصون عفتها ويحفظ لها كيانها الانساني.

انها تمثل ثقافة الاسلام في نظامه الجمهوري، الذي حمّلها مسؤولية ابلاغ رسالة هامّة الى دولة كبرى تتزعم الالحاد في العالم، وقالت كلمتها في قصر الكرملين دون أن تتأثر بأي لون من المؤثرات.

على هامش الرحلة

استغرقت الرحلة اقل من 24 ساعة يعني من الساعة الحادية عشر صباحاً وحتى الساعة الثانية بعد ظهر اليوم التالي، حيث غادرنا موسكو وكان قد استغرق منا أربع ساعات.

وفي هذه الرحلة كان لقاؤنا مع السيد غورباتشوف الوحيد الذي اتسم بالاحترام الكامل سواء في الاستقبال والتوديع.

عندما حطت طائرة الجمهورية الاسلامية الايرانية في مطار موسكو كانت المدينة يغطيها الثلج، وقد حضر ممثل من السيد غورباتشوف، ومعاون وزير الخارجية وامام جمعة موسكو وكان إماماً حزبياً، وقد اشار الامام مرّة الى الاسلام السوفيتي وكان ذلك الامام ممن ينتخبه الحزب.. حضر هؤلاء لاستقبالنا.

منذ نزولنا الى أرض المطار وحتى قاعة الاستقبال رافقنا ممثل غورباتشوف ومن صالة الاستقبال الى العاصمة موسكو رافقنا معاون وزير الخارجية.

وكان من المقرر لوفدنا الاّ يتحدث الاّ في شؤون العقيدة.. لا أن يسأل عن درجة الحرارة في موسكو مثلاً هل هي تحت الصفر؟ أو عن موسم الثلوج وأسئلة من هذا القبيل.

كان همهم أن يظهروا لنا أهمية لقاء الغد وان زعيمنا مع كثرة مشاغله وضع أعماله جانباً من أجل استقبالكم.. وان لقاء الغد سيكون فائق الاهمية ولذا خذوا قسطاً وافياً من الراحة و..

كانت مهمة الوفد أن يبلغ رسالته الى الجميع وأن يقوم بسفارته على أكمل وجه.

وساقنا الحديث الى الزلازل التي خربت أرمينيا وأعربنا عن أسفنا. وهم أيضاً اعربوا عن تقديرهم للجمهورية الاسلامية الايرانية التي هبّت للمساعدة.

وتساءلوا: هل تتعرّض ايران للزلازل؟ قلنا في بعض الاحيان ولكن ليست بهذه القوّة، ولكنا تحملنا زلازل الحرب المفروضة مدّة ثمانية أعوام.

قال المترجم: ان ايران تعرّضت للزلازل قبل ثمانية أعوام. وصححنا له ذلك.

قالوا: انه بعد 24 يوماً من الزلزال في أرمينيا عثر على أطفال وكبار تحت الانقاض أحياءً. وحتى لا يفسر ذلك بما وراء الطبيعة و «عالم الغيب» قالوا صادف وجودهم قرب سايلو القمح ولأنه تصدّع بسبب عنف الزلزال، فقد كانوا يتغذون منه وكانوا يشربون من الثلج الذي يذوب. ومع ذلك فقد لمسنا منهم اعتقادا بإله ولأن الذهاب والأياب وفر فرصة مناسبة لطرق مسائل من هذا القبيل فلسفية أو فطرية.

قلت: ألا يوجد لهذا العالم الزاخر بالنظام منظّم؟

قال: المادّة أزلية الماضي وأبدية المستقبل.

قلت: وهل هذا النظام صادر عن مادّة عديمة الادراك؟ هل للمادّة ادراك؟

قال: المادّة في الانسان لها روح وادراك.

لقد كان جوهر القضية عن المادة الأولى.. مادّة البدء.. ورأيت محاوري يجهل هذه المسائل الفلسفية.

ولذا رأيت أن اطرق الموضوع من نافذة أخرى.. نافذة الفطرة الانسانية.

لقد جاء في الروايات المأثورة عن الامام الحسن العسكري عن أبان عن الامام الصادق(عليه السلام) انه سئل عن الله ما هو الله؟

فكان جوابه بهذه الطريقة

كان الجواب مجموعة من التساؤلات الوجدانية:

ـ هل سافرت يوماً في سفينة؟

ـ نعم!

ـ فهل صادفتك أمواج عالية ورياح عاتية وظننت الاّ منقذ؟

ـ نعم

ـ فهل شعرت بأن قلبك اتجه الى شيء قادر على خلاصك ونجاتك؟

ـ نعم

عندها قال الامام الصادق:

ـ فذلك الشيء هو الله القادر على الانجاء حيث لا منجي.. وعلى الإغاثة حيث لا مغيث.

ولقد تحدثت الى محاوري بهذه الطريقة.. قلت له: إذا شعرت بالحاجة الى شيء فإلى من تراجع.

قال: جهاز الحزب!

قلت: فإذا كنت بين السماء والأرض ولا يمكنك الاتصال بأحد؟

سكت لحظات ثم قال: هذه المنطقة لا تدخل ضمن عقائد الناس.

عندما يرى المرء نماذج من هذا القبيل يشعر تماماً بأنهم ( صمّ بكم عميٌ فهم لا يعقلون )[5].

لقد سدّت عليهم سبل الادراك خلال هذه السبعين سنة حتى ان فطرتهم اندثرت أيضاً.

وخلال هذه الرحلة لم يتسنّ لنا الاتصال بالناس لأن مهمتنا لم تكن ذلك ولم تكن هناك فرصة للاتصال.

حتى المترجم الذي رافقنا من المطار الى القصر انتهى دوره ليأتي مترجم آخر في القصر!!

تأملوا حجم الضغوط التي يتعرض لها الناس هناك!

عندما انتهى الحوار بيني وبين معاون وزير الخارجية سألت المترجم عن موسم الثلوج كم يستغرق هنا؟ حتى هذا السؤال ترجمه الى معاون الوزير. ولدى عودتنا الى المطار سألته أين تعلم الفارسية وهو ترجم السؤال الى معاون الوزير أيضاً؟!.. هذه ضغوط هائلة.

من أجل هذا قال الامام الراحل(رضي الله عنه) لو قُدر لنا أن نفقد نعمة (الحرّية) مقابل الرفاه المادّي، فان امتنا لن تنسى الطريق الأصيل أبداً..

وهذا هو الملاك والأساس والمعيار.

اننا عندما نقبّل أضرحة ائمتنا الاطهار علي وابناء علي(عليهم السلام) فلأنهم ارشدونا الى الهدى.

ان هذه الدول مع كل امكاناتها الكبرى تعيش زمنا أسود.. لأنها فقدت نعمة الايمان.

الله وحده يعلم أية هاوية كانت بانتظارنا لو أننا خسرنا نعمة التوحيد التي أهدانا إياها أهل البيت(عليهم السلام).

إنّ بحبوحة البركات التي ننعم بها هي من آثار الامام الراحل، وهو وارث اجداده الطاهرين.

الامام الراحل كان يعتقد ان الانسان لن يكون شيئاً ما لم يكن في رحاب أهل البيت.

وما لم يسافر المرء هنا وهناك من عالمنا الذي يرزح تحت نير الالحاد والشرك لن يدرك مجد الجمهورية الاسلامية ونعمة الاسلام الحنيف.


[1] المصادف لسنة 1988م.

[2] ولايت فقيه (رهبرى در اسلام) /13، 14.

[3] ويثيروا لهم دفائن العقول، نهج البلاغة: الخطبة 1.

[4] تفسير الميزان: 1/368، تفسير القرآن الكريم / صدر المتألهين: 1/110.

[5] البقرة: الآية 171.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى